اليمن قطر عظيم من الأقطار التي كوَّنت الدعامة الأساسية للأمة الإسلامية منذ الأيام الأولى لهذا الدين، فقد دخل أهل اليمن في دين الله أفواجًا منذ عهد رسول الله
، وكانت لهم مشاركة فاعلة في مسيرة الأمة الإسلامية، حتى إن مجاهديهم وأبطالهم كانت لهم علامات بارزة في الفتوح الإسلامية، ولعل من أبرز المشاركات اليمنية في حركة الفتوح، هو جهدهم الوافر في فتح الشام ومصر وشمال إفريقيا والأندلس وغير ذلك من مناطق في العالم.
اليمن أرض العلم والعلماء
ولم تتوقف المشاركة اليمنية المؤثرة في ميدان الجهاد والفتوح فقط، إنما كانت لهم مشاركات مؤثرة جدًّا في مسيرة العلم والعلماء، وما أكثر العلماء الذين رغبوا في السفر إلى اليمن لتلقي العلم على أيدي جهابذتها ومفكريها!
وليس أدل على ذلك من حرص الإمام الجليل احمد بن حنبل على السفر إلى اليمن لاستكمال دراسته العلمية هناك، مع حالة الفقر الشديدة التي كان عليها الإمام الجليل؛ مما اضطره الأمر أن يسافر من بغداد إلى اليمن ماشيًا على قدميه، ومع هذه المشقة إلا أنه وجد الأمر ضروريًّا جدًّا؛ لكي يكمل بعض الجوانب العلمية عنده.
أرق أفئدة وألين قلوبًا وعندما نتحدث عن اليمن فإننا لا نقصد العلماء والمجاهدين والقادة والمفكرين فقط، بل نتحدث عن الشعب بكامله، فهم في عمومهم من أرق شعوب العالم وأطيبهم، ولقد شهد لهم رسول الله
شهادة عظيمة هي خير لهم من الدنيا وما فيها، وذلك عندما جاء وفد اليمن إلى المدينة المنورة، فقال رسول الله
: "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ". وأرى أن هذا من معجزات الرسول
التي رأيتها وخبرتها بنفسي، فقد تعاملت مع كثير من اليمنيين، وزرت اليمن مرات عديدة، وفي كل هذه التعاملات أجدهم -كما وصف حبيبي
- ألين قلوبًا وأرق أفئدة، وكم دعوتُ لهم بدعاء الرسول
عندما قال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا".
إنه قُطْر جليل بمعنى الكلمة..
دخول الإسلام اليمن وقصة الزيديين وكما ذكرنا فإن قصة الإسلام فيه قديمة، فقد دخله الإسلام في عهد الرسول
، ومن ثَمَّ صار اليمن إقليمًا إسلاميًّا مهمًّا في الدولة الإسلامية، وظل كذلك في عهد الخلفاء الراشدين، وكذلك في عهد الخلافة الاموية وصدر الخلافة العباسية
وفي زمن الخليفة العباسي المأمون، وتحديدًا في سنة 199هـ خرج عليه في الكوفة أحد الزيديين، وهو محمد بن إبراهيم طباطبا، وأرسل ابن عمه إبراهيم بن محمد إلى اليمن لكي يستكثر من الأنصار.
والزيديون هم أتباع المنهج الذي وضع أصوله زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو منهج محسوب على الشيعة وإن كان فيه تقارب كبير مع أهل السُّنَّة، وهم لا يقولون بمعظم البدع والخرافات التي يتكلم بها الشيعة الاثنا عشرية (شيعة إيران والعراق ولبنان والخليج)، وإنما يتعاملون بالقرآن والسُّنَّة كبقية المسلمين، غير أن لهم بعض الآراء الخاصة في قضية الإمامة؛ فهم يحصرون الإمامة في نسل علي بن أبي طالب
من فاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله
، ولا يحدِّدون شخصًا معينًا في هذا النسل، بل يقولون: إن الشخص الذي تنطبق عليه شروط الإمامة كالنسب من فاطمة رضي الله عنها، وكالعلم والتقوى وحسن الرأي لا بُدَّ أن يخرج داعيًا لنفسه، فإذا بايعه الناس صحت إمامته. وهم يجوِّزون أن يخرج إمامان في قُطْرين مختلفين، ومن ثَمَّ خرج منهم الكثير عبر مراحل التاريخ المختلفة.
وبالمناسبة فإن الكثير من علماء السنة يعتبرون "زيد بن علي" من علماء السنة الأفاضل، وهو كذلك، فهو من الأئمة الأعلام، وكان ينادي بالخروج على أئمة الجور، وكان يُعظِّم من شأن الصحابة، وكان يُقدِّر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، غير أنه كان يرى أن علي بن أبي طالب
أفضل منهما. وهذا غير صحيح، مع جلالة قدر علي بن أبي طالب
، ومع ذلك فزيد بن علي كان يرى صحة خلافة أبي بكر وعمر؛ لأنه يجوز عنده ولاية المفضول في وجود الفاضل. وهو بذلك يختلف اختلافًا جذريًّا عن الشيعة الاثني عشرية الذين يرفضون إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بل يتقربون إلى الله بلعنهم كما يقولون.
الزيدية أقرب إلى السنة
ومن هنا فإن الزيدية وإن كانت معدودة من مذاهب الشيعة إلا أن نقاط التَّماسّ مع السُّنَّة أكثر بكثير من نقاط تماسِّهم مع الشيعة، وقد لا تستطيع أن تفرِّق أحدهم عن السنة، وقد التقيت مع الكثير منهم في اليمن، وهم يترضُّون على الصحابة ويقدِّرونهم، ويصلون مع السُّنَّة في نفس المساجد، وليس لهم بدع الاثني عشرية المعروفة، والتي فصلناها قبل ذلك في مقالي: الخاص بشيعة ". بل إن منهم العلماء الأجلاء الذين أخذ عنهم الكثير من طلاب العلم السُّنَّة، وليس أفضل كمثالٍ من العالم الفذّ الشوكاني صاحب كتاب نيل الأوطار، فقد كان زيديًّا يمنيًّا رحمه الله.
ونعود إلى عهد المأمون حيث خرجت ثورة محمد بن إبراهيم طباطبا في الكوفة، ولكن المأمون استطاع أن يقمعها بالقوة، غير أنه لم يستطع ذلك بالنسبة لثورة إبراهيم بن محمد في اليمن، ولعل ذلك يرجع إلى بُعد اليمن عن بغداد، وكذلك إلى طبيعة اليمن الجغرافية الجبلية الوعرة، إضافةً إلى الطبيعة العشائرية التي تجعل من السيطرة المركزية أمرًا صعبًا.. لذلك كله عمد المأمون إلى الأسلوب الدبلوماسي فأعطى إبراهيم بن محمد الزيدي ولاية اليمن على أن يكون تابعًا له، وتم ذلك بالفعل، وأطال ذلك في عمر تبعية اليمن للخلافة العباسية قُرابة المائة عام، ولكن كان هذا على حساب انتشار وترسُّخ المذهب الزيدي في اليمن.
بعد هذه الأحداث بعِدَّة عشرات من السنين، وتحديدًا في 284هـ، وفي زمن ضعف الخلافة العباسية، استطاع يحيى بن الحسين الرسيُّ أن يؤسِّس دولة زيدية في اليمن عُرفت بدولة بني الرسي أو دولة الأئمة، وانفصل بهذه الدولة عن الخلافة العباسية، وكان مقرها في صعدة في شمال اليمن، ولم تكن هذه هي أول دولة تنفصل بجزءٍ من اليمن عن الخلافة العباسية، فقد حدث قبل ذلك أن انفصل اليعفريون بدولة خاصة بهم مركزها صنعاء، وذلك في سنة 230هـ، غير أن اليعفريين كانوا سُنَّة ولم يكونوا زيديين.
الدعوة الإسماعيلية في اليمن
تزامن مع قيام دولة بني الرسي الزيدية ظهور الدعوة الإسماعيلية الشيعية في اليمن، ولكن في مناطق الجنوب. وكما ذكرنا في مقالات سابقة: اصول الشيعة وسيطرة الشيعة، فإنّ الإسماعيلية عبارة عن مذهب شيعي شديد الانحراف، إلى الدرجة التي جعلت معظم العلماء السنة يخرجونهم بالكامل من الملة الإسلامية، وقد سيطر هؤلاء على جنوب اليمن، وكان هذا بداية من سنة 290هـ، إلا أن دولتهم سقطت بسرعة في 304هـ. ومن هنا صارت اليمن مقسَّمة بين اليعفريين السنة ومقرهم صنعاء، والزيديين بني الرسي ومقرهم صعدة، وظل هذا الوضع على هذه الحال طوال القرن الرابع الهجري.
ظهور الأيوبيين وسقوط الإسماعيلية في القرن الخامس الهجري سقطت الدولة اليعفرية، وضعفت جدًّا الدولة الزيدية، وإنْ ظلت موجودة، ولكن ظهرت دول جديدة بشكل مؤثر في مسيرة الأحداث.. فقد ظهرت دولة سنية هي دولة النجاحيين (بني نجاح)، وكان مقرها زبيد (غرب اليمن)، واستمرت من سنة 403هـ إلى سنة 555هـ. وإلى جوار هذه الدولة ظهرت عدة دول إسماعيلية خطيرة، وهي دولة بني صليح، ومقرها صنعاء، من سنة 439هـ إلى سنة 532هـ، ودولة بني زريع، ومقرها عدن، من سنة 467 إلى سنة 569هـ. وكذلك دولة بني حاتم، وقد سيطرت على صنعاء من سنة 533هـ إلى سنة 569هـ.. وكانت هذه الدول الإسماعيلية تستمد قوتها وعونها من الدولة العبيدية القوية المعروفة بالدولة الفاطمية، والتي كانت تسيطر آنذاك على مصر، وأحيانًا على الشام؛ ولذلك فإن هذه الدول الإسماعيلية ما لبثت أن سقطت عند سقوط الدولة العبيدية الخبيثة على يد البطل المظفَّر صلاح الدين الأيوبي، وذلك في سنة 567هـ.
وبزوال هذا الكابوس الإسماعيلي عن اليمن بدأت اليمن عهدًا جديدًا سعيدًا مع الحكم السني المتمثل في الدولة الأيوبية، وذلك من سنة 569 إلى سنة 626هـ، ثم دولة بني رسول السُّنِّية من سنة 626هـ إلى سنة 858هـ.
ومع ذلك فلم يختفِ حكم الدولة الزيدية كُلِّّيَّة عن اليمن، بل ظل لهم تواجد في صعدة، بل كانت لهم فترة علوّ مهمة تُعرف بدولة بني الرسيّ الثانية، وذلك من سنة 593هـ إلى سنة 697هـ، أي أثناء حكم الأيوبيين والرسوليين.دولة أئمة صنعاء
وفي القرن العاشر الهجري تقاسم حكم اليمن العثمانيون والزيديون، فقد حكم العثمانيون من سنة 945هـ إلى سنة 1333هـ (388 سنة)، وكانت مناطق سيطرتهم في الجنوب أساسًا. أما بنو الرسي الزيديون فقد سيطروا على صعدة كعادتهم، إضافةً إلى صنعاء؛ ولذلك تعرف هذه الدولة في هذه الفترة بدولة أئمة صنعاء، وقد استمرت من سنة 973هـ إلى سنة 1382هـ (409 سنة)، وقد صارت لها السيطرة الكاملة على كل اليمن بعد صراعٍ مع الخلافة العثمانية انتهى في سنة 1333هـ لصالح الزيديين.
وقد ظلت هذه الدولة الزيدية تحكم اليمن حتى سنة 1382هـ/ 1962م، عندما قامت الثورة اليمنية، لتنهي بذلك حكم الزيديين لليمن الذي بدأ للمرة الأولى منذ عام 284هـ، أي ما يزيد على ألف عام!
في هذه العجالة رأينا أن المذهب الزيدي له جذور عميقة في المجتمع اليمني، وقد ظلوا في الحكم طيلة هذه الفترة كلها، سواءٌ في حالة قوة أو ضعف، وظهر إلى جوارهم دول سُنِّية وأخرى إسماعيلية، وإن لم يدم تأثير المنهج الإسماعيلي كثيرًا؛ حيث بقي في اليمن حوالي 130 سنة فقط، ولم يكن يسيطر في كل الأوقات على كامل اليمن.
كما رأينا في الوقت نفسه أن الشيعة الاثني عشرية (الإمامية) لم يكن لها وجود مطلقًا على الساحة اليمنية، ومن هنا فإننا نجد أن أعداد الزيدية تقرب من 30% من سكان اليمن، بينما لا يمثل الاثنا عشرية إلا نسبة ضئيلة جدًّا من المجتمع اليمني، وليس هناك إحصاء دقيق لهذه النسبة.
ومع ذلك فإننا نسمع الآن عن مشاكل الحوثيين في شمال اليمن، وخاصة في منطقة صعدة، ونسمع أن مذهبهم اثنا عشريّ، ونسمع عن تأييد إيران لهم، فمِن أين جاء الاثنا عشرية إلى اليمن؟ وكيف تفاقم الأمر حتى صارت هناك هذه المعارك المستمرة بين الحكومة اليمنية وأتباع الحوثي؟
هذا حديث قد يطول؛ ولذلك نُفرِد له المقال القادم بإذن الله.ونسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
لبخاري: كتاب المغازي، باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن (4127)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه (52) .
البخاري: كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الفتنة من قبل الشرق (6681)، والترمذي (3953)، وأحمد (5987).

اليمن أرض العلم والعلماء
ولم تتوقف المشاركة اليمنية المؤثرة في ميدان الجهاد والفتوح فقط، إنما كانت لهم مشاركات مؤثرة جدًّا في مسيرة العلم والعلماء، وما أكثر العلماء الذين رغبوا في السفر إلى اليمن لتلقي العلم على أيدي جهابذتها ومفكريها!
وليس أدل على ذلك من حرص الإمام الجليل احمد بن حنبل على السفر إلى اليمن لاستكمال دراسته العلمية هناك، مع حالة الفقر الشديدة التي كان عليها الإمام الجليل؛ مما اضطره الأمر أن يسافر من بغداد إلى اليمن ماشيًا على قدميه، ومع هذه المشقة إلا أنه وجد الأمر ضروريًّا جدًّا؛ لكي يكمل بعض الجوانب العلمية عنده.
أرق أفئدة وألين قلوبًا وعندما نتحدث عن اليمن فإننا لا نقصد العلماء والمجاهدين والقادة والمفكرين فقط، بل نتحدث عن الشعب بكامله، فهم في عمومهم من أرق شعوب العالم وأطيبهم، ولقد شهد لهم رسول الله





إنه قُطْر جليل بمعنى الكلمة..
دخول الإسلام اليمن وقصة الزيديين وكما ذكرنا فإن قصة الإسلام فيه قديمة، فقد دخله الإسلام في عهد الرسول

وفي زمن الخليفة العباسي المأمون، وتحديدًا في سنة 199هـ خرج عليه في الكوفة أحد الزيديين، وهو محمد بن إبراهيم طباطبا، وأرسل ابن عمه إبراهيم بن محمد إلى اليمن لكي يستكثر من الأنصار.
والزيديون هم أتباع المنهج الذي وضع أصوله زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو منهج محسوب على الشيعة وإن كان فيه تقارب كبير مع أهل السُّنَّة، وهم لا يقولون بمعظم البدع والخرافات التي يتكلم بها الشيعة الاثنا عشرية (شيعة إيران والعراق ولبنان والخليج)، وإنما يتعاملون بالقرآن والسُّنَّة كبقية المسلمين، غير أن لهم بعض الآراء الخاصة في قضية الإمامة؛ فهم يحصرون الإمامة في نسل علي بن أبي طالب


وبالمناسبة فإن الكثير من علماء السنة يعتبرون "زيد بن علي" من علماء السنة الأفاضل، وهو كذلك، فهو من الأئمة الأعلام، وكان ينادي بالخروج على أئمة الجور، وكان يُعظِّم من شأن الصحابة، وكان يُقدِّر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، غير أنه كان يرى أن علي بن أبي طالب


الزيدية أقرب إلى السنة

ونعود إلى عهد المأمون حيث خرجت ثورة محمد بن إبراهيم طباطبا في الكوفة، ولكن المأمون استطاع أن يقمعها بالقوة، غير أنه لم يستطع ذلك بالنسبة لثورة إبراهيم بن محمد في اليمن، ولعل ذلك يرجع إلى بُعد اليمن عن بغداد، وكذلك إلى طبيعة اليمن الجغرافية الجبلية الوعرة، إضافةً إلى الطبيعة العشائرية التي تجعل من السيطرة المركزية أمرًا صعبًا.. لذلك كله عمد المأمون إلى الأسلوب الدبلوماسي فأعطى إبراهيم بن محمد الزيدي ولاية اليمن على أن يكون تابعًا له، وتم ذلك بالفعل، وأطال ذلك في عمر تبعية اليمن للخلافة العباسية قُرابة المائة عام، ولكن كان هذا على حساب انتشار وترسُّخ المذهب الزيدي في اليمن.
بعد هذه الأحداث بعِدَّة عشرات من السنين، وتحديدًا في 284هـ، وفي زمن ضعف الخلافة العباسية، استطاع يحيى بن الحسين الرسيُّ أن يؤسِّس دولة زيدية في اليمن عُرفت بدولة بني الرسي أو دولة الأئمة، وانفصل بهذه الدولة عن الخلافة العباسية، وكان مقرها في صعدة في شمال اليمن، ولم تكن هذه هي أول دولة تنفصل بجزءٍ من اليمن عن الخلافة العباسية، فقد حدث قبل ذلك أن انفصل اليعفريون بدولة خاصة بهم مركزها صنعاء، وذلك في سنة 230هـ، غير أن اليعفريين كانوا سُنَّة ولم يكونوا زيديين.
الدعوة الإسماعيلية في اليمن
تزامن مع قيام دولة بني الرسي الزيدية ظهور الدعوة الإسماعيلية الشيعية في اليمن، ولكن في مناطق الجنوب. وكما ذكرنا في مقالات سابقة: اصول الشيعة وسيطرة الشيعة، فإنّ الإسماعيلية عبارة عن مذهب شيعي شديد الانحراف، إلى الدرجة التي جعلت معظم العلماء السنة يخرجونهم بالكامل من الملة الإسلامية، وقد سيطر هؤلاء على جنوب اليمن، وكان هذا بداية من سنة 290هـ، إلا أن دولتهم سقطت بسرعة في 304هـ. ومن هنا صارت اليمن مقسَّمة بين اليعفريين السنة ومقرهم صنعاء، والزيديين بني الرسي ومقرهم صعدة، وظل هذا الوضع على هذه الحال طوال القرن الرابع الهجري.
ظهور الأيوبيين وسقوط الإسماعيلية في القرن الخامس الهجري سقطت الدولة اليعفرية، وضعفت جدًّا الدولة الزيدية، وإنْ ظلت موجودة، ولكن ظهرت دول جديدة بشكل مؤثر في مسيرة الأحداث.. فقد ظهرت دولة سنية هي دولة النجاحيين (بني نجاح)، وكان مقرها زبيد (غرب اليمن)، واستمرت من سنة 403هـ إلى سنة 555هـ. وإلى جوار هذه الدولة ظهرت عدة دول إسماعيلية خطيرة، وهي دولة بني صليح، ومقرها صنعاء، من سنة 439هـ إلى سنة 532هـ، ودولة بني زريع، ومقرها عدن، من سنة 467 إلى سنة 569هـ. وكذلك دولة بني حاتم، وقد سيطرت على صنعاء من سنة 533هـ إلى سنة 569هـ.. وكانت هذه الدول الإسماعيلية تستمد قوتها وعونها من الدولة العبيدية القوية المعروفة بالدولة الفاطمية، والتي كانت تسيطر آنذاك على مصر، وأحيانًا على الشام؛ ولذلك فإن هذه الدول الإسماعيلية ما لبثت أن سقطت عند سقوط الدولة العبيدية الخبيثة على يد البطل المظفَّر صلاح الدين الأيوبي، وذلك في سنة 567هـ.
وبزوال هذا الكابوس الإسماعيلي عن اليمن بدأت اليمن عهدًا جديدًا سعيدًا مع الحكم السني المتمثل في الدولة الأيوبية، وذلك من سنة 569 إلى سنة 626هـ، ثم دولة بني رسول السُّنِّية من سنة 626هـ إلى سنة 858هـ.
ومع ذلك فلم يختفِ حكم الدولة الزيدية كُلِّّيَّة عن اليمن، بل ظل لهم تواجد في صعدة، بل كانت لهم فترة علوّ مهمة تُعرف بدولة بني الرسيّ الثانية، وذلك من سنة 593هـ إلى سنة 697هـ، أي أثناء حكم الأيوبيين والرسوليين.دولة أئمة صنعاء

وقد ظلت هذه الدولة الزيدية تحكم اليمن حتى سنة 1382هـ/ 1962م، عندما قامت الثورة اليمنية، لتنهي بذلك حكم الزيديين لليمن الذي بدأ للمرة الأولى منذ عام 284هـ، أي ما يزيد على ألف عام!
في هذه العجالة رأينا أن المذهب الزيدي له جذور عميقة في المجتمع اليمني، وقد ظلوا في الحكم طيلة هذه الفترة كلها، سواءٌ في حالة قوة أو ضعف، وظهر إلى جوارهم دول سُنِّية وأخرى إسماعيلية، وإن لم يدم تأثير المنهج الإسماعيلي كثيرًا؛ حيث بقي في اليمن حوالي 130 سنة فقط، ولم يكن يسيطر في كل الأوقات على كامل اليمن.
كما رأينا في الوقت نفسه أن الشيعة الاثني عشرية (الإمامية) لم يكن لها وجود مطلقًا على الساحة اليمنية، ومن هنا فإننا نجد أن أعداد الزيدية تقرب من 30% من سكان اليمن، بينما لا يمثل الاثنا عشرية إلا نسبة ضئيلة جدًّا من المجتمع اليمني، وليس هناك إحصاء دقيق لهذه النسبة.
ومع ذلك فإننا نسمع الآن عن مشاكل الحوثيين في شمال اليمن، وخاصة في منطقة صعدة، ونسمع أن مذهبهم اثنا عشريّ، ونسمع عن تأييد إيران لهم، فمِن أين جاء الاثنا عشرية إلى اليمن؟ وكيف تفاقم الأمر حتى صارت هناك هذه المعارك المستمرة بين الحكومة اليمنية وأتباع الحوثي؟
هذا حديث قد يطول؛ ولذلك نُفرِد له المقال القادم بإذن الله.ونسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.
د. راغب السرجاني
لبخاري: كتاب المغازي، باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن (4127)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان فيه ورجحان أهل اليمن فيه (52) .
البخاري: كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الفتنة من قبل الشرق (6681)، والترمذي (3953)، وأحمد (5987).
Hi, this is a comment.
ReplyDeleteTo delete a comment, just log in and view the post's comments. There you will have the option to edit or delete them.
The eye-sight was to create a Special Top quality Consignment Shop focusing
ReplyDeleteon new along with practically completely new Gals
Clothing, Bags, Shoes or boots, Jewelry and also discount
authentic louis vuitton,discount louis vuitton,discount louis vuitton bags,discount louis vuitton handbags,discounted louis vuitton bags,louis vuitton discount bags,louis vuitton discount handbags,cheap louis
vuitton purses,heap louis vuitton bags add-ons on the ideal manufacturers for example Chanel,
Louis Vuitton, Gucci, Manolo Blahnik, Religious Louboutin, Tory Burch, Missoni, Armani,
St. neighborhoodBraves story sessions Charlotte now Knights in combat fansAll lanes open up on I77 after
hole www.thisnest.com/shoes.php obtained in bridgeKnights declare 2013 Professional medical Fund Merit winnersMoisture, temperature
triggering form difficulties, Hickory NewsMissing
8, 9yearold sisters arrive from mom operate unharmed,
authorities sayHeritage Show String remains along with bluegrass bandsBody associated with lacking
fisherman foundsaysMan pleads guilt ridden, sentenced your within prison.
The actual perspective had been to generate a Distinctive High-end
ReplyDeleteConsignment Store specializing in brand-new along with practically brand-new Girls Clothes, Handbags, Shoes, Bracelets and discount authentic
louis vuitton,discount louis vuitton,discount louis vuitton bags,discount louis
vuitton handbags,discounted louis vuitton bags,louis vuitton discount bags,louis vuitton discount handbags,cheap louis vuitton purses,heap louis
vuitton bags gadgets from the finest designers
like Chanel, Louis Vuitton, Gucci, Manolo Blahnik, Christian Louboutin, Tory Burch, Missoni,
Armani, E. neighborhoodBraves icon trips Charlotte Knights in combat fansAll lanes start about I77 after opening louis vuitton bags outlet obtained in
bridgeKnights declare 2013 Health Scholarship Award winnersMoisture, temperature triggering form complications, Hickory NewsMissing 8,
9yearold sisters arrive on mother work unharmed,
police force sayHeritage Concert Line persists using bluegrass bandsBody connected with
missing angler foundsaysMan pleads responsible, sentenced someone's inside jail.
To help you solve the problem, first thing you should think of is your wedding theme.
ReplyDeleteWe used that one for our arabic based biz, and it worked awesome.
ReplyDeleteThe coogi clothing is also accessible with a ton of colors and designs.
It is all about promoting the product and making the visitor get
off your site as fast as possible and onto the merchant
is store,LV Bags.
best louis vuitton store in las vegas
louis vuitton ivory mahina
base shaper for louis vuitton neverfull mm
do you get a discount working at louis vuitton
moncler online yahoo
where to buy moncler in paris
One excellent beginning position for all those moments when facet happens to study additional about
ReplyDeleteteaching to educate on your own pertaining to journey a engine routine is always that teaching for more info
regarding journey a tricycle. Tricycles are relatively risk-free and don't in the event you
drive a multi functional wonderful deal to perform with stability.
As a substitute, they provde the a multi operate good option for additional details on find out the pedalling movement and steering.
http://www.george-monoux.ac.uk/maria/cheaplv.asp#http://www.george-monoux.ac.uk/maria/cheaplv.asp
http://www.crossgatelanes.com/leagues/cheapmoncler/sitemap.asp#www.crossgatelanes.com/leagues/cheapmoncler/sitemap.asp
In spite of the fashion house's prestigious image and international brand
ReplyDeleterecognition, internal conflict and mismanagement threatened the company's welfare.
The Gucci family was notorious for their heated debates,
clashing personalities, and rash business decisions.
By the late 1970s, the fashion house was dangerously close to bankruptcy.
cheap lv
sitemap
www.lapopottedannecharlotte.com/tag/tartne/
doudoune moncler france
moncler baby outlet online